Juice

Wednesday, April 27, 2005

دموع على اللبن الفاسد

كان ياما كان... يحكى انه كان هناك رضيع جميل... يحبه الجميع ويحبه أبوه وأمه... رضيع يحتاج للرعاية والحنان... ومن فرط حب أبويه له ورغبتهم فى أن يروه كبر اليوم قبل غد؛ قررا ان يمنعا عنه لبن أمه مبكراً حتى يكبر فى نظر خيالهم المريض سريعا... فالرضاع فى نظرهم عيب... ومظهر من مظاهر الضعف... لا بجب أن يطلبه أحد... فهما عاشا ظروفا أسوأ منه ولم يرضعهم أحد... إنه رفاهية من رفاهيات أولاد هذه الايام!

كبر هزيلا وشب والأمراض تتكالب عليه... فمناعته ضعيفة ومقاومته واهية... اعتاد الألم فأصبح يئن دون همس... وعلى الرغم من ذلك أصبج نما بدنه مشوه قليلا ولكنه نجا بكف يتحسس به الأشياء ولسان ينطق به حينا ويبكى حيناً... ورجلين يمشى بهما خطوة ويسقط أخرى...عاش عيشة الحرمان فى أبسط حقوقه فى الحياة والتى لم يمنعه منها إلا بلاهة تفكير ابويه....

يوما بعد يوم... والرضيع قد أصابه الهزال والاصفرار وهو لا بعرف ماذا يحدث له... لماذا فعلا ذلك فى مصيرة... وأين اللبن الذى كان يجب ان يتلذذ به وهو فى عمر الرضاع ... حقه فى الحياة... حقه الذى قسمه الله لمن هم فى مثل عمرة وعلى شاكلته... بكى... وقالوا أعطونى حقى لأنكم لستم عاجزون أن تعطونى إياه... ولم يجد إلا صفعة على وجهه وركنا مظلما يبكى فيه!

وذات يوم أبصر زجاجة بها سائل أبيض فى يد أحد أصحابه... جاء يهديها له... حقا إنه السائل الذى طالما حرمت منه... أدمنه وخطط حيانه بأنه ييشرب هذا اللبن الصناعى دوماً ليعوض ما فاته، فطعمه أحلى من لبن الماضى على الرغم من انه ليس فى نفس فائدته... واكتشف الطامة الكبرى بأن الجميع من حوله قد أمنوا هذا اللبن المزيف... فهاهم أصدقاؤه... وهاهم إخوته وحبيبته كلهم يشربوان من هذا اللبن... إنه الخلاص من عذاب الماضى! وساعدته أخته بأن ابتاعت له "كرتونه" من هذا اللبن.

اليوم وهو لا يستطيع ان يتوقف عن ادمان هذا اللبن الذى يشبع لديه غريزة أكثر مما يسد جوعا... فوجى بأمه اكتشفت ضعف عضلاته وسوء صحته ورأت بجوارة كما من الزجاجات الفارغة... يالمصيبة والداه قررا أن يعطياه من اللبن الذى حرماه منه... ولكن كيف بعد ان تخثر واصفر لونه! احس بالفرح لحظة ان بدأ يرشف وإذا به يبصقه على الأرض... هل هذا الذى كنت أريده وانتظرة من عمر مضى... انه ماسخ الطعم مصفر اللون... وانا اصبحت لا استطيع ان أشرب إلا ما اعتدت على حلاوة طعمه! من فرط الذهول رشف رشفه أخرى عسى ان يحس بجديد... ولم يتمالك نفسه إلا وهو يبصق اللبن مرة أخرى ويبكى... وينظر إلى اللبن على الأرض ويفكر....هذا حقى قد أضاعاه والداى بنظرهما الضيق وسوء تصرفهما...

4 Comments:

  • مش عارف ليه كل مرة اقراها احس ان مقصود بيها حاجة تانية .... فعلا رائعة

    By Blogger aa, at 1:48 AM  

  • I agree with Ahmed Tarek ..
    I realy feel en ma3naha haga tanya :) Ya tara eh ??
    Any clue

    Nice Entry anyways !

    Dina

    By Blogger Dina El Hawary (dido's), at 3:11 AM  

  • القصة لها هدف فلسفى واضح... إنها من قبيل القصص الخيالية التى نسمعها وينطلق خيالنا من ورائها... مثلما تنظر إلى لوحة من طراز فن معين تبدو غير مكتملة الخطوط... وتطلق العنان لخيالك لتكمل ما نقص منها بتجربتك الشخصية وأفكارك وأحلامك... كثيرا ما كنت شغوفا بهذه القصص وأحلم أن أكتب مثلها!


    ولكنى أود أن أحتفظ بأصل الموضوع والتجربة خفية حتى لا يضيع تأثير الرمز فيها!

    هذه خواطر فلسفية لم تكن لتظهر إلا من خلال الإناء الذى يحويها... القصة!
    إنها مليئة بالصراعات تنطبق على أشياء كثيرة فى حياتنا... لذا نحس كل مرة نقرأها بصورة صراع جديد مما ينطبق عليه كلام القصة

    آنية كثيرة من اللبن المسكوب قد لطخت ثيابنا ونحن ليس لنا إلا البكاء!

    اشكركم على دعم كتابتاتى اللى على قد حالها

    By Blogger Samer Sarhan, at 8:30 PM  

  • لا حلوة فعلا

    By Blogger moe, at 4:34 PM  

Post a Comment

<< Home